تحول الديناميكيات المالية العالمية
ويعمل تحالف دول البريكس، الذي نما إلى عشرة أعضاء اعتبارًا من أغسطس 2023، الآن بنشاط من أجل الحد من تأثير الدولار الأمريكي في التجارة الدولية. تتضمن هذه المبادرة تطوير عملة خاصة بمجموعة البريكس، والتي تستهدف بشكل مباشر هيمنة الدولار الأمريكي على السوق العالمية.
وقد قامت روسيا والصين، وهما اللاعبان الرئيسيان في هذه الحركة، بصياغة اتفاقيات لإجراء التجارة بعملتيهما المحليتين، والتحايل على الدولار الأمريكي. وقد اعترف رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين مؤخراً بزيادة الارتباطات التجارية بين روسيا والصين، حيث تجاوزت التجارة الثنائية بينهما علامة 200 مليار دولار في وقت أبكر مما كان متوقعاً. وتشكل هذه الشراكة تهديدا ملموسا للدولار الأمريكي الذي شهد تراجعا تدريجيا على مدى العقدين الماضيين.
ومع إبداء أكثر من 16 دولة اهتمامًا بالانضمام إلى تحالف البريكس، فقد يتضاءل تأثير الدولار الأمريكي بشكل أكبر. إن المناقشات في عام 2023 حول عملة جديدة لمجموعة البريكس، جنبًا إلى جنب مع الجهود المبذولة للابتعاد عن الاعتماد على الدولار، مهدت الطريق لعام 2024 التحويلي المحتمل في الأسواق المالية العالمية.
ومع ذلك، فإن مهمة تقليص هيمنة الدولار الأمريكي محفوفة بالتحديات. لقد كانت العملة الأمريكية حجر الزاوية في التجارة الدولية لسنوات عديدة. إن الانتقال إلى نظام جديد ينطوي على تغييرات معقدة وواسعة النطاق. وعلى الرغم من الدعم المتزايد لمجموعة البريكس، فإن الاعتماد العالمي على الدولار الأمريكي لا يزال كبيرا.
ويهدف التحالف إلى تضخيم وجهات نظر الدول النامية، وربما حشد المزيد من الدعم لأهدافه. إذا انضمت هذه الدول إلى الكتلة وبدأت التداول باستخدام البريكس أو العملات المحلية، فقد يؤثر ذلك سلبًا على الدولار الأمريكي. ومع ذلك، فإن هذا التحول يتطلب جهدا جماعيا ومستداما.
وتسلط تجربة الهند داخل مجموعة البريكس الضوء على بعض هذه التحديات. على الرغم من أن الهند أقنعت 22 دولة باستخدام الروبية في التجارة الدولية، إلا أن هناك حماسًا محدودًا للاحتفاظ بالروبية في الاحتياطيات بسبب انخفاض الطلب العالمي عليها وقوتها. وتسلط علاقات الهند التجارية مع روسيا الضوء أيضاً على الصعوبات التي تواجهها في التحول بعيداً عن العملات الثابتة مثل الدولار الأميركي واليوان الصيني.
ومع استمرار دول البريكس في تعزيز التسويات بالعملة المحلية والنظر في إدخال عملتها، فمن المتوقع حدوث تحول تدريجي من الدولار. وتظهر البيانات من وولف ستريت أن هذه الجهود تساهم في الانخفاض المستمر للدولار الأمريكي، مع انخفاض ملحوظ في احتياطيات النقد الأجنبي المقومة بالدولار على مستوى العالم.
ويسلط هذا الاتجاه الضوء على تحول محتمل نحو عالم مالي أكثر تعددية الأقطاب، وخاصة مع صعود العملات الأصغر في الاحتياطيات العالمية وانخفاض قيمة الدولار الأميركي. ويشير الاستخدام المتزايد للعملات المحلية، وخاصة في الجنوب العالمي، إلى التحرك نحو مشهد مالي أكثر تنوعا.
في الختام، فإن الدفع القوي من قبل دول البريكس نحو التخلص من الدولار وخططها لتطوير عملة البريكس في عام 2024 يمثل تحديًا كبيرًا لهيمنة الدولار الأمريكي طويلة الأمد. وفي حين أن العقبات والتعقيدات كثيرة، فإن الجهود المشتركة لدول البريكس وتحالفها المتوسع يمكن أن تؤدي إلى نظام اقتصادي أكثر تنوعا ومتعدد الأقطاب.